الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال أبو السعود: {وَجَاءتْ} شروعٌ في بيان ما جرى على يوسف في الجب بعد الفراغِ من ذكر ما وقع بين إخوتِه وبين أبيه، والتعبيرُ بالمجيء ليس بالنسبة إلى مكانهم فإن كنعانَ ليس بالجانب المصريِّ من مدينَ بل إلى مكان يوسف وفي إيثاره على المرور أو الإتيانِ أو نحوهما إيماءٌ إلى كونه عليه السلام في الكرامة والزلفى عند مليكٍ مقتدرٍ والظاهر أن الجب كان في الأمم المئتاء فإن المتبادر من إسناد المجيء إلى السيارة مطلقًا في قوله عز وجل: {سَيَّارَةٌ} أي رفقةٌ تسير من جهة مدينَ إلى مصرَ وقوعُه باعتبار سيرِهم المعتادِ وهو الذي يقتضيه قوله تعالى فيما سلف: {يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السيارة} وقد قيل إنه كان في قفرة بعيدةٍ من العُمران لم تُمكن إلا للرعاة فأخطأوا الطريقَ فنزلوا قريبًا منه، وقيل: كان ماؤه مِلْحًا فعذُبَ حين ألقي فيه عليه السلام: {فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ} الذي يرد الماءَ ويستقي لهم وكان ذلك مالك بنُ ذعر الخزاعيّ وإنما لم يُذكر منتهى الإرسالِ كما لم يذكر منتهى المجيءِ أعني الجب للإيذان بأن ذلك معهودٌ لا يُضرب عنه الذكرُ صفحًا: {فأدلى دَلْوَهُ} أي أرسلها إلى الجب والحذفُ لما عرفتَه فتدلى بها يوسف فخرج.{قَالَ} استئنافٌ مبنيٌّ على سؤال يقتضيه الحال: {يابشرى هذا غُلاَمٌ} كأنه نادى البُشرى وقال: تعالَيْ، فهذا أوانُك حيث فاز بنعمة باردةٍ وأيِّ نعمةٍ مكانَ ما يوجد مباحًا من الماء. وقيل: هو اسمُ صاحبٍ له ناداه ليُعينَه على إخراجه، وقرأ غيرُ الكوفيين {يا بشرايَ} وأمال فتحةَ الراءِ حمزةُ والكِسائيُّ وقرأ ورشٌ بين اللفظين {يا بُشْرَيَّ} بالإدغام وهي لغة، و{بشرايْ} على قصد الوقف: {وَأَسَرُّوهُ} أي أخفاه الواردُ وأصحابُه عن بقية الرفقة، وقيل: أخفَوا أمرَه ووجدانَهم له في الجب وقالوا لهم: دفعَه إلينا أهلُ الماء لنبيعه لهم بمصرَ، وقيل: الضميرُ لإخوة يوسفَ وذلك أن يهوذا كان يأتيه كلَّ يوم بطعام فأتاه يومئذ فلم يجدْه فيها فأخبر إخوتَه فأتَوا الرفقةَ وقالوا: هذا غلامُنا أبَقَ منا فاشترَوه منهم وسكت يوسفُ مخافةَ أن يقتُلوه ولا يخفى ما فيه من البعد: {بضاعة} نُصب على الحالية أي أخفَوه حالَ كونِه بضاعةً أي متاعًا للتجارة فإنها قطعةٌ من المال بُضعت عنه أي قطعت للتجارة: {والله عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} وعيدٌ لهم على ما صنعوا من جعلهم مثلَ يوسفَ وهو هو عرضةً للابتذال بالبيع والشراءِ وما دبروا في ذلك من الحيل..قال أبو السعود: {وَشَرَوْهُ} أي باعوه والضمير للوارد وأصحابه: {بِثَمَنٍ بَخْسٍ} زيْفٍ ناقصِ العيار: {دراهم} بدل من ثمن أي لا دنانير: {مَّعْدُودَةٍ} أي غيرِ موزونة فهو بيانٌ لقلته ونقصانِه مقدارًا بعد بيان نقصانِه في نفسه إذ المعتادُ فيما لا يبلغ أربعين العدُّ دون الوزن، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنها كانت عشرين درهمًا وعن السدي رضي الله عنه أنها كانت اثنين وعشرين درهمًا: {وَكَانُواْ} أي البائعون: {فِيهِ} في يوسف: {مِنَ الزهدين} من الذين لا يرغبون فيما بأيديهم فلذلك باعوه بما ذكر من الثمن البخْسِ، وسببُ ذلك أنهم التقطوه، والملتقطُ للشيء متهاونٌ به، أو غيرُ واثق بأمره يخاف أن يظهر له مستحِقٌّ فينتزعه منه فيبيعه من أول مُساومٍ بأوكسِ ثمن، ويجوز أن يكون معنى شرَوه اشتروه من إخوته على ما حُكي وهم غير راغبين في شِراه خشية ذهابِ مالِهم لِما ظنّ في آذانهم من الإباق، والعدولُ على صيغة الافتعال المنبئةِ عن الاتخاذ لما مر من أن أخذَهم إنما كان بطريق البضاعةِ دون الاجتباء والاقتناءِ، وفيه متعلِّق بالزاهدين إن جُعل اللامُ للتعريف وبيانٌ لما زهدوا فيه إن جُعلت موصولة، كأنه قيل: في أي شيء زهِدوا؟ فقيل: زهدوا فيه، لأن ما يتعلق بالصلة لا يتقدم على الموصول. اهـ..قال الألوسي: {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ}{وَجَاءتْ} شروع فيما جرى على يوسف عليه السلام في الجب بعد الفراغ عن ذكر ما وقع بين إخوته وبين أبيه أي وجاءت إلى الجب: {سَيَّارَةٌ} رفقة تسير من جهة مدين إلى مصر وكان ذلك بعد ثلاثة أيام مضت من زمن القائه في قول، وقيل: في اليوم الثاني، والظاهر أن الجب كان في طريق سيرهم المعتاد.وقيل: إنه كان في قفرة بعيدة من العمران فأخطأوا الطريق فأصابوه: {فَأَرْسَلُواْ} إليه: {وَارِدَهُمْ} الذي يريد الماء ويستقي لهم وكان ذلك مالن بن ذعر الخزاعي.وقال ابن عطية: الوارد هنا يمكن أن يقع على الواحد وعلى الجماعة اه والظاهر الأول، والتأنيق في: {جَاءتِ} والتذكير في: {أُرْسِلُواْ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ} باعتبار اللفظ والمعنى، وفي التعبير بالمجيء إيماء إلى كرامة يوسف عليه السلام عند ربه سبحانه، وحذف متعلقة وكذا متعلقة وكذا متعلق الإرسال لظعوره ولذا حذف المتعلق في قوله سبحانه: {فأدلى دَلْوَهُ} أي أرسلها إلى الجب ليخرج الماء، ويقال: دلا الدلو إذا أخرجها ملأي، والدلو من المؤنثات للسماعية فتصغر على دلية وتجمع على أدل.ودلاء ودلى.وقال ابن الشحنة: إن الدلو التي يستقي بها مؤنثة وقد تذكر، وأما الدلو مصدر دلوت وضرب من السير فمذكر ومثلها في التذكير والتأنيث الجب عند الفراء على ما نقله عنه محمد بن الجهم، وعن بعضهم أنه مذكر لا غير وأما البئر مؤنثة فقط في المشهور، ويقال في تضغيرها: بويرة؛ وفي جمعها آباء وأبار وأبؤر وبثار، وفي الكلام حذف أي فأدلى دلوه فتدلى بها يوسف فخرج: {قَالَ} استئناف مبني على سؤال يقتضيه الحال.{يا بشرى هذا غلام} نادى البشرى بشارة لنفسه أو لقومه ورفقته كأنه نزلها منزلة شخص فناداه فهو استعارة مكنية وتخييلية أي يا بشرى تعالى فهذا أوان حضورك، وقيل: المنادي محذوف كما في ياليت أي يا قومي انظروا واسمعوا بشراي، وقيل: إن هذه الكلمة تستعمل للتبشير من غير قصد إلى النداء.وزعم بعضهم أن بشرى اسم صاحب له ناداه ليعينه على إخراجه، وروي هذا عن السدى وليس بذاك وقرأ غير الكوفيين {يا بشراي} بالإضافة، وأمال فتحة الراء حمزة والكسائي، وقرأ وريش بين اللفظين.وروي عن نافع أنه قرأ {يا بشراي} بسكون ياء الإضافة ويلزمه التقاء الساكنين عغلى غيره وحده، واعتذر بأنه أجري الوصل مجرى الوقف ونظائر ذلك كثيرة في القرآن وغيره، وقيل: جاز ذلك لأن الألف لمدها تقوم مقام الحركة، وقرأ أبو الطفيل والحسن وابن أبي إسحق والجحدري: {الرياح بُشْرىً} بقلب الألف ياءًا وإدغامها في ياء الاضافة وهي لغة لهذيل ولناس غيرهم ومن ذلك قول أبي ذؤيب:ويقولون: يا سيدي ومولى، والغلام كثيرًا ما يطلق على ما بين الحولين إلى البلوغ، وقد يطلق على الرجل الكامل كما في قول ليلى الأخيلية في الحجاج بن يوسف الثقفي: والظاهر أن التنوين فيه للتغخيم، وحق له ذلك فقد كان عليه من أحسن الغلمان، وذكر البغوي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أعطي يوسف شطر الحسن». وقال محمد بن إسحاق: ذهب يوسف وأمه بثلثي الحسن، وحكى الثعلبي عن كعب الأحبار أنه قال: كان يوسف حسن الوجه جعد الشعر ضخم العينين مستوى الخلق أبيض اللون غليظ الساعدين والساقين خميص البطن صغير السرة وكان إذا تبسم رأيت النور في ضواحكه وإن تكلم رأيت شعاع النور من ثناياه ولا يستطيع أحد وصفه وكان حسنه كضوء النهار عند الليل وكان يشبه آدم عليه السلام يوم خلقه قبل أن يصيب الخطيئة، ويحكى أن جوانب الجب بكت عليه حين خرج منها، ولعله من باب بكت الدار لفقد فلان، والظاهر أن قول الوارد: {قَالَ يابشرى هذا غُلاَمٌ} [يوسف: 91] كان عند وؤيته، وقيل: إنه حين وروده على أصحابه صاح بذاك: {وَأَسَرُّوهُ} أي أخفاه الوارد وأصحابه عن بقية الرفقة حتى لا تراه فتطمع فيه، وقيل: أخفوا أمره وكونه وجد في البئر، وقالوا لسائر القافلة: دفعه إلينا أهل الماء لنبيعه لهم بمصر، وقيل: الضمير لإخوة يوسف، وذلك أن بعضهم رجع ليتحقق أمره فرآه عند السيارة فأخبر إخوته فجاءوا إليهم فقالوا: هذا غلام أبق لنا فاشتروه منا فاشتروه وسكت يوسف مخافة أن يقتلوه، وفي رواية أنهم قالوا بالعبرانية: لا تنكر العبودية نفتلك فأقر بها واشتروه منهم، وقيل: كان يهوذا يأتيه بالطعام فأتاه يوم أخرج فلم يجده في الجب ووجده عند الرفقة فأخبر إخوته فأتوهم فقالوا ما قالوا، وروي كون الضمير للاخوة عن ابن عباس رضي الله عنهما، قيل: وهو المناسب لإفراد: {قَالَ} وجمع ضمير أسروا وللوعيد الآتي قريبًا إن شاء الله تعالى، وليس فيه اختلاف في النظم، ولا يخفى أن الظاهر ما أشير إليه أولا، ونصب قوله سبحانه: {بضاعة} على الحال أي أخفوه حال كونه متاعًا للتجارة، وفي الفرائد أنه ضمن أسروه معنى جلعوه أي جعلوه بضاعة مسرين إياه فهو مفعول به.وقال ابن الحاجب: يحتمل أن يكون مفعولًا له أي لأجل التجارة وليس شرطه مفقودًا لاتحاد فاعله وفاعل الفعل المعلل به إذ المعنى كتموه لأجل تحصيل المال به، ولا يجوز أن يكون تمييزًا وهو من البضع بمعنى القطع وكأن البضاعة إنما سميت بذلك لأنها تقطع من المال وتجعل للتجارة، ومن ذلك البضع بالكسر بما بين الثلاث إلى العشرة أو لما فوق الخمس ودون العشرة، والبضيعة للجزيرة المنقطعة عن البر، واعتبر الراغب في البضاعة كونها قطعة وافرة من المال تقتني للتجارة ولم يعتبر الكثير كونها وافرة: {وَاللَّهِ عَليمُ بمَا يَعْمَلُونَ} لم يخف عليه سبحانه اسرارهم، وصرح غير واحد أن هذا وعيد لإخوة يوسف عليه السلام على ما صنعوا بأبيهم وأخيهم وجعلهم إياه، وهو هو عرضة للابتذال بالبيع والشراء.{وَشَرَوْهُ} الضمير المرفوع إما للاخوة فشرى بمعنى باع، وإما للسيارة فهو بمعنى اشترى كما في قوله: وقوله: وجوز أن يكون على هذا الوجه بمعنى باع بناءًا على أنهم باعوه لما التقطوه من بعضهم: {بِثَمَنٍ بَخْسٍ} أي نقص وهو مصدر أريد به اسم المفعول أي منقوص، وجوز الراغب أن يكون بمعنى باخس أي ناقص عن القيمة نقصانًا ظاهرًا، وقال مقاتل: زيف ناقص العيار، وقال قتادة: بخس ظلم لأنه ظلموه في بيعه، وقال ابن عباس والضحاك في آخرين: البخس الحرام وكان ذلك حرامًا لأنه ثمن الحر وسمي الحرام بخسا لأنه مبخوس البركة أي منقوصها، وقوله سبحانه: {دراهم} بدل من ثمن أي لا دننانير: {مَّعْدُودَةً} أي قليلة وكنى بالعدّ عن القلة لأن الكثير يوزن عندهم وكان عدة هذه الدراهم في كثير من الروايات عشرين درهمًا، وفي رواية عن ابن عباس اثنين وعشرين، وفي أخرى عنه عشرين وحلة ونعلين، وقيل: ثلاثين وحلة ونعلين، وقيل: ثمانية عشر اشتروا بها أخفافًا ونعالًا، وقيل: عشرة، وعن عكرمة أنها كانت أربعين درهمًا، ولا يأبى هذا ما ذكره غير واحد من أن عادتهم أنهم لا يزنون إلا ما بلغ أوقية وهي أربعون درهمًا إذ ليس فيه نفي أن الأربعين قد تعدّ: {وَكَانُواْ فِيهِ} أي في يوسف كما هو الظاهر: {مِنَ الزهدين} أي الراغبين عنه، والضمير في: {وَكَانُواْ} إن كان للإخوة فظاهر وإن كان للرفقة وكانوا بائعين فزهدهم فيه لأنهم التقطوه والملتقط للشيء متهاون به لا يبالي بما باعه ولأنه يخاف أن يعرض له مستحق ينتزعه من يده فيبيعه من أول مساوم بأوكس الثمن وإن كان لهم وكانوا مبتاعين بأن اشتروه من بعضهم أو من الإخوة فزهدهم لأنهم اعتقدوا فيه أنه آبق فخافوا أن يخاطروا بما لهم فيه، وقيل: ضمير: {فِيهِ} للثمن وزهدهم فيه لرداءته أو لأن مقصودهم ليس إلا إبعاد يسوف عليه السلام وهذا ظاهر على تقدير أن يكون ضمير: {كَانُواْ} للإخوة، والجار على ما نقل عن ابن مالك متعلق بمحذوف يدل عليه الزاهدين أي كانوا زاهدين فيه من الزاهدين، وذلك أن اللام في الزاهدين اسم موصول ولا يتقدم ما في صلة الموصول عليه، ولأن ما بعد الجار لا يعمل فيما قبله، وهل: {مِنَ الزهدين} حينئذ صفة لزاهدين المحذوف مؤكدة كما تقول: عالم من العلماء.أو صفة مبينة أي زاهدين بلغ بهم الزهد إلى أن يعدّوا في الزاهدين لأن الزاهد قد لا يكون عرقيًا في الزاهدين حتى يعدّ فيهم إذا عدّوا.أو يكون خبرًا ثانيًا؟ كل ذلك محتمل، وليس بدلا من المحذوف لوجود: {مِنْ} معه، وقدر بعضهم المحذوف أعنى وأنا فيه من الزاهدين، وقال ابن الحاجب في أماليه: إنه متعلق بالصلة والمعنى عليه بلا شبهة وإنما فروا منه لما فهموا من أن صلة الموصول لا تعمل فيما قبل الموصول مطلقًا، وبين صلة أل وغيرها فرق فان هذه على صورة الحرف المنزل منزلة الجزء من الكلمة فلا يمتنع تقديم معمولها عليها فلا حاجة إلى القول بأن تعلقه بالمذكور إنما هو على مذهب المازني الذي جعل أل في مثل ذلك حرف تعريف وكأنه لا يرى تقدم معمول المجرور ممتنعًا وإلا لم يتم بما ذكره ارتفاع المحذور.وزعم بعضهم أنه يلزم بعد عمل اسم الفاعل من غير اعتماد من الغفلة بمكان لأن محل الخلاف عمله في الفاعل والمفعول به الصريح لا في الجار والمجرور الذي يكفيه رائحة الفعل؛ وقال بعض المتأخرين: إن الصفة هنا معتمدة على اسم كانوا وهو مبتدأ في الأصل، والاعتماد على ذلك معتبر عندهم، ففي الرضى عن، قول ابن الحاجب: والاعتماد على صاحبه ويعني بصاحبه المبتدأ إما في الحال نحو زيد ضارب أخواه.أو في الأصل نحو كان زيد ضاربًا أخواه.وظننتك ضاربًا أخواك وإن زيدًا ضارب غلاماه، وعلى هذا لا يحتاج في الجواب إلى إخراج الجار والمجرور عن حكم الفاعل والمفعول به الصريح وإن كان له وجه وجيه خلافًا لمن أنكره، ومن الناس من يتمسك بعموم يتوسع في الظرف والجار والمجرور ما لا يتوسع في غيرهما في دفع ما يورد على تعلق الجار هنا بالصفة المجرور الواقعة صلة لال كائنًا ما كان فلفهم.هذا والشائع أن الباعة إخوته.والزاهدين هم، وفي بعض الآثار أنهم حين باعوه قالوا للتأجر: إنه لص آبق فقيده ووكل به عبدًا أسود فلما جاء وقت ارتحالهم بكى عليه السلام فقال له التاجر: مالك تبكى؟ فقال: أريد أن أصل إلى الذين باعوني لأودعهم وأسلم عليهم سلام من لا يرجع إليهم، فقال التاجر للعبد: خذه واذهب به إلى مواليه ليودعهم ثم ألحقه بالقافلة فما رأيت غلامًا أبر من هذا بمواليه ولا قومًا أجفى منهم فتقدم العبد به إلى إخوته وكان زاحد منهم مستيقظًا يحرس الأغنام فلما وصل إليه يوسف وهو يعثر في قيده انكب عليه وبكى، فقال له: لماذا جئت؟ فقال: جئت لأودعكم وأسلم عليكم فصاح عليهم أخوهم قوموا إلى من أتاكم يسلم عليكم سلام من لا يرجو أن يراكم أبدًا فويل لكم من هذا الوداع فقاموا فجعل يوسف ينكب على كل واحد منهم ويقبله ويعانقه، ويقول: حفظكم الله تعالى وإن ضيعتموني آواكم الله تعالى وإن طرتموني رحمكم الله تعالى وإن لم ترحموني.
|